وصفته بالرئيس "الجامع": ماوراء برقية وكالة الأنباء الجزائرية عن تبون - Radio M

Radio M

وصفته بالرئيس “الجامع”: ماوراء برقية وكالة الأنباء الجزائرية عن تبون

Radio M | 03/05/22 18:05

وصفته بالرئيس “الجامع”: ماوراء برقية وكالة الأنباء الجزائرية عن تبون

نشرت وكالة الأنباء الجزائرية اليوم، برقية غريبة حول الرئيس عبد المجيد تبون بعنوان “عبد المجيد تبون: رئيس جامع شامل”.

البرقية أثارت تساؤلات الإعلاميين وجمهور وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة وأنها غير مرتبطة بأي حدث أو مناسبة. وبينما كان الجميع يترقب رسالة من الرئيس تبون بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، جاءت هذه البرقية التي لا تدخل ضمن أي نوع صحفي.

فهي تخلو من عنصر الخبر ولا تتوفر على عناصر البورتريه الذي يستدعي الاستعانة بمحطات واقعية من مسار الرجل السياسي أو من عهدته.

البرقية مكتوبة في أسلوب بيان سياسي، لكنها قصيرة إلى درجة لا تجعلها تبقى إلى مستوى بيان سياسي، زيادة عن غياب الإشارة في البرقية لأي بيان أو جهة أصدرت بيانات يحمل تلك الصفات والحصيلة الرئاسية التي تحدثت عنها البرقية.

“تبون جامع” ؟

تقول البرقية “يعتبر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي انتخبه الجزائريون المتطلعون لحلول جزائر جديدة، رئيسا جامعا للشمل”. وكاتب هذه الفقرة والآمر بنشرها يعلم جيدا أن تبون وجد صعوبة في العثور على شخصيات كفأة يعينها في الحكومة، ما إضطره للاعتراف أنه أخطأ بتعيين أشخاص فشلوا في التسيير بينما “أظهروا في بلاطوهات التلفزيونية كفاءة في التنظير”.

ويعلم صاحب هذه الفقرة أيضا أن النشاط الحزبي في الجزائر يكاد يكون متوقفا في عهد تبون، إذا استثنينا الاجتماعات التنظيمية للأحزاب وردود فعل متعلقة بأحداث مثيرة للجدل. أما المعارضة فهي مهددة بالزوال بعدما أصدر مجلس الدولة قرارا بحل الحزب الاشتراكي للعمال وتهديد كل من الارسيدي والامدياس ب”تطبيق القانون” في حال إستمرارهما في استقبال مواطنين ونشطاء سياسيين في مقراتهما. في حين تم سماع رئيسة حزب “أو سي بي” من طرف أعوان الاستعلامات العامة حول نشاطها السياسي. وإن تم الإفراج عن منسق الحركة الديمقراطية الاجتماعية، فتحي غراس، فإن محسن بلعباس، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ما زال تحت الرقابة القضائية. وشهدت الساحة السياسية في آخر تطوراتها اعتقال كريم طابو، منسق حزب “او دياس” من طرف أعوان الشرطة بسبب فيديو متداول في وسائل التواصل الاجتماعي أدلى فيه برأيه في قضية وفاة معتقل الرأي، حكيم دبازي في سجن القليعة…

كل هذه الوقائع مسجلة وثابتة وتؤكد عكس ما ذهبت إليه وكالة الأنباء الجزائرية. أي أن الساحة السياسية أضحت مشتتة ومشلولة في السنتين الأخيرتين بينما هناك إجماع لدى المتتبعين للساحة السياسية، لحاجة الجزائر لحوار سياسي ومبادرة تخرج البلاد من الانسداد الذي تعيشه.

فإذا حاولنا فهم الرسالة التي يريد صاحب برقية وكالة الأنباء تمريرها، نفهم أنه يسعى لتبرئة تبون من الوضعية الحالية، تماما مثلما فعل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال عن تبون أنه ” حبيس نظام سياسي عسكري”.

“من أجل صفحة جديدة”؟

الرسالة الثانية التي تضمنتها  البرقية تقول “يجب أن يعرف أولئك الذين لم ينخرطوا في المسعى أو الذين يشعرون بالتهميش، أن الجزائر الجديدة تفتح لهم ذراعيها من اجل صفحة جديدة”.

وتضيف “فكلمة إقصاء لا وجود لها في قاموس رئيس الجمهورية الذي يسخر كل حكمته للم شمل الأشخاص والأطراف التي لم تكن تتفق في الماضي”.

وتخفي هذه الفقرة بدورها ألغازا كثيرة، كون الساحة السياسية الوطنية لا تعرف منذ فترة سوى الاعتقالات وتعديل قانون العقوبات لتجريم المعارضة السياسية. وآخر تعديل في هذا المجال المادة 87 مكرر التي جعلت من أي موقف سياسي لا يساند السلطة القائمة مرشحا لتصنيفه كفعل إرهابي. وفعلا تم تصنيف 16 شخصا معارضا متواجدين في الخارج في القائمة الوطنية للإرهابيين وصدرت في حقهم أوامر بالقبض الدولي. لكن هذه الأوامر لم تجد الاستجابة من السلطات القضائية للبلدان التي يقيم فيها المطلوبين، لضعف حجة الجزائر وخلو ملفاتهم من أفعال تجعل القضاء في البلدان الأوربية والأمريكية يتهمهم بالإرهاب. زد على ذلك أن مجموعة من المجودة المصنفة في القائمة تحمل شهادات علمية عالية وتشغل مناصب محترمة في مؤسسات أجنبية.

تبرئة ذمة أم تحضير لقرارات ما؟

آخر فقرة في البرقية مفادها أن “الجزائر، بشعبها البطل و الموحد بكل تنوعه، بحاجة إلى جميع أبنائها للاحتفال سويا بالذكرى الستين للاستقلال”.

وهذه العبارة جاهزة إستعملها كل رؤساء الجزائر منذ الاستقلال، وبشكل خاص بعد توقيف المسار الانتخابي سنة 1992. فماذا تعني في الظرف الحالي؟ علما أن المغرب أصدر عفوا ملكيا على سجناء متهمين بالإرهاب بمناسبة عيد الفطر؟ ومعروف أن السلطة في الجزائر والمغرب تتنافسان على رفع سقف القمع مثلما يتنافسان في الإصلاحات أو المبادرات السياسية. وحديث برقية وكالة الأنباء عن كون “يد السيد عبد المجيد تبون ممدودة للجميع، بشكل دائم، ما عدا للذين تجاوزوا الخطوط الحمراء و أولئك الذين أداروا ظهرهم لوطنهم” ثم تدعم هذا الاحتمال.

وإختتم أصحاب البرقية أن تبون “ليس من دعاة التفرقة بل بالعكس تماما” وهي عبارة تحمل أيضا صيغة من صيغ تبرئة ذمة

م. إيوانوغن