معهد دراسات بريطاني: "هدوء الحراك الجزائري قد يتحول إلى عاصفة طويلة الأمد " - Radio M

Radio M

معهد دراسات بريطاني: “هدوء الحراك الجزائري قد يتحول إلى عاصفة طويلة الأمد “

كنزة خاطو | 06/12/20 13:12

معهد دراسات بريطاني: “هدوء الحراك  الجزائري قد يتحول إلى عاصفة طويلة الأمد       “

نشر معهد الدراسات البريطاني في الدفاع والأمن ” رو.سي”، قراءةً عن الوضع العام في الجزائر، أعدّه المحلّل ريكاردو فابياني هو مدير مشروع شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، ومايكل عياري محلّل لتونس والجزائر في مجموعة الأزمات الدولية أيضاً.

وتناولت القراءة الشق الأمني والسياسي للجزائر مع الإلحاح على الشق الاقتصادي، خاصة بعد الإستفتاء على الدستور في الفاتح نوفمبر 2020، كما وضعت تصوّراً لحلّ الأزمة التي تمرّ بها البلاد.

اعتبرت قراءة فابياني وعياري أنّ “الإستفتاء على الدستور فشِل في تلبية مطالب الحراك الشعبي، الأمر الذي يجعل الحاجة إلى إنشاء آلية حوار لمعالجة المشاكل الاقتصادية المتنامية في البلاد ملحة كما كانت دائمًا، مُشيرةً إلى أنّ نسبة الإقبال على الإستفتاء الأدنى منذ الإستقلال، سلّطت الضوء على شكوك واسعة النطاق تجاه مقترحات الإصلاح الأخيرة”.

وفي قراءة المحلّلين لنتائج الإستفتاء على الدستور، قالت إنّ “هذه النسبة لم تكن بسبب قلّة المحاولة من طرف السلطة في البلاد، التي كانت تهدف إلى تلبية بعض مطالب الحراك على الأقل، إلّا أنّ الحراك الشعبي لاطالما دعا إلى تجديد شامل للطبقة السياسية وانتخاب جمعية تأسيسية، ووضع حد للتدخل العسكري في السياسة، والتخلص من الاقتصاد الريعي والمحسوبية”، مواصلةً: ” لذا تركت مجموعة الإصلاحات الخجولة التي تضمنتها التعديلات الدستورية الأخيرة معظم مؤيدي الحراك محبطين وخائبين”.

ويرى فابياني وعياري أنّ “عوامل أخرى ساهمت في توسيع الفجوة بين الجهة الحاكمة والحراك الشعبي في الجزائر، من بينها نقل عبد المجيد تبون إلى ألمانيا قبل ثلاثة أيام فقط من موعد الاقتراع، مع نقص المعلومات حول وضعه الصحي، الأمر الذي قارنه الجزائريون مع سنوات بوتفليقة”، بالإضافة إلى “شعور الجزائريين بأنّ مسار البلاد يزدادُ سوءً بسبب جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط الذي تسبّب في انخفاض الإيرادات الحكومية بشدة وإلى تآكل مداخيل عدد كبير من الجزائريين”.

من جهة أخرى أشارت القراءة إلى أنّه “في أعقاب الاستفتاء الدستوري المخيب للآمال، لا تزال الجزائر في حالة من عدم اليقين بشأن مستقبلها القريب، وإذا ومتى عاد تبون إلى الجزائر، فسيواجه مشهدًا سياسيًا معقدًا بشكل متزايد، كما سيحتاج الرئيس أيضًا إلى التعامل مع التصعيد العسكري الأخير في الصحراء الغربية “. مواصلةً: “في غياب عبد المجيد تبون حاول رئيس أركان الجيش ملء هذا الفراغ من خلال زيادة ظهوره على شاشات التلفزيون والمنافذ الوطنية الرئيسية في كثير من الأحيان بملابس مدنية”.

وفي السياق اعتبر المُحلّلين أنّ “الرئاسة الجزائرية وقيادة الجيش يشتركان في معظم أهداف السياسة الرئيسية التي تشمل تحقيق الاستقرار في البلاد، وتحييد الحراك، وتجديد شباب الجيش وتهميش الموالين لبوتفليقة، لكن لا يزال هناك خطر احتمال ظهور خلافات حول قضايا أخرى، على وجه الخصوص قد يكون من الصعب التعامل مع القضايا المتعلقة بالجيش مثل تكوين هيئة الأركان العسكرية بالنسبة لرئيس ليس لديه خلفية أمنية وأقل إلمامًا بهذا القطاع من أسلافه”.

وعادت قراءة المعهد البريطاني إلى الحراك الشعبي: ” الحركة الاحتجاجية لم تستأنف أنشطتها بعد بسبب الوباء، وخفف هذا الهدوء من الضغط على الرئاسة والحكومة، لكن مع ذلك تستمر الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في التدهور”، مشيرةً: ” يكمن الخطر الذي يواجه السلطة الجزائرية في أن هذا الهدوء قصير الأمد قد يتحول إلى عاصفة طويلة الأمد، مع حركة احتجاجية راديكالية أقل ميلًا للتوصل إلى تسوية مع الطبقة السياسية الحالية”.

واقترح المحلّلين على الرئيس الجزائري والحكومة استئناف المحادثات حول ما سيشكل أكثر القضايا إلحاحًا في الجزائر ألا وهو الاقتصاد، بدلاً من محاولة دعم شرعيتهما الضعيفة”.

وأوضح فابياني وعياري أنّ “هذه المحادثات تجمع بين الحراك وممثلي السلطة، وكذلك النقابيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني ورجال الأعمال، بما في ذلك من الاقتصاد غير الرسمي، ستجمع هذه المحادثات مؤيدي ومعارضي الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الريعي ونظام المحسوبية في الجزائر، هذا من شأنه أن يسمح لهم بإيجاد حلول وسط واقعية”.

وختمت القراءة بالقول إنّ هذا الحلّ “يمكن أن يُوفّر للرئيس والحكومة مخرجًا من المأزق الحالي، والأهم من ذلك، فرصة للحد من الإستدانة الخارجية التي يبدو أنه لا مفر منها في الظروف الحالية”، مواصلةً: على الرغم من النفي المتكرر من قبل السلطات، سيكون من الصعب تبرير الاستفادة من التمويل الأجنبي في بلد شديد التعلق بسيادته مثل الجزائر، ومع ذلك إذا احتاجت الجزائر إلى اللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية، فيجب أن توفر هذه المؤسسات دعمًا طويل الأجل لاستراتيجية الإصلاح الاقتصادي للبلاد وتجنب فرض شروط صارمة للغاية”.