مرض عبد المجيد تبون: السيناريوهات المُحتملة حسب الخبراء والسياسيين - Radio M

Radio M

مرض عبد المجيد تبون: السيناريوهات المُحتملة حسب الخبراء والسياسيين

كنزة خاطو | 25/11/20 10:11

مرض عبد المجيد تبون: السيناريوهات المُحتملة حسب الخبراء والسياسيين

شكّل غياب عبد المجيد تبون عن منصبه منذ قرابةِ الثلاثين يوماً تساولات عديدة لدى الرأي العام الجزائري، خاصة بعد السرّية التي ميّزت طبيعة مرضه، أمرٌ ربطه متابعون بسيناريو عبد العزيز بوتفليقة.

كما وضع مرضُ تبون علامات استفهامٍ أخرى حول عدم تطبيق المادة 102 من الدستور واحتمال الوقوع في فراغٍ دستوري وتصوّرات المرحلة المقبلة، إلى جانب دور مؤسسة الجيش في حالِ ثبوت عجز الرئيس في تأدية مهامه، بالإضافة إلى استفسارات عن تداعيات غياب عبد المجيد تبون على سيرورة الدولة.

غيابُ تبون يعيد الجزائريين إلى سيناريو “بوتفليقة” 

قال المحامي عبد الرحمن صالح في اتصال مع “راديو ام” إنّ “البيانات الرسمية لرئاسة الجمهورية تؤكّد أنّ آخر نشاط رسمي للرئيس كان يوم 15 أكتوبر 2020، وعليه فإنّ عبد المجيد تبون غائبٌ منذ 38 يوماً”، مشيراً إلى أنّ “غياب تبون يؤكّد السيناريو الذي مرّ به الجزائريون سنة 2013 مع عبد العزيز بوتفليقة، ومازال مستمرّا بحكم نهج السلطة في التعاطي مع ملف مرض الرئيس”.

وشدّت من جهتها رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي زبيدة عسول، في اتصال مع “راديو ام” على “ضرورة اجتماع المجلس الدستوري وُجوباً بعد غياب الرئيس، للتأكّد من وضعه الصحي، لأنّه يملك السلطة الدستورية للتّحصل على جميع المعلومات عن صحة عبد المجيد تبون”.

تبون غائبٌ.. متى يجتمعُ المجلس الدستوري؟

تأسّفت زبيدة عسول من عدم تحرّك المجلس الدستوري بعد مرض عبد المجيد تبون: “مع الأسف المجلس الدستوري صائمٌ عن الكلام ولا يقول شيئاً، كما فعل سابقاً مع عبد العزيز بوتفليقة وقبوله بالعهدة الرابعة ومشروع العهدة الخامسة، المجلس الدستوري مُتعوّدٌ على مثل هذه الخروقات”.

أمّا المحامي عبد الرحمن صالح فيرى أنّ المادة 102 من الدستور لم تُحدّد الجهة التي لها الحق في دعوة المجلس الدستوري الذي لا يستطيع اخطار نفسه بنفسه، مُشيرا إلى أنّ “المادة 102 تحمل غموضاً مقصوداً، لأنّ الدستور الجزائري اكتفى بعبارة يجتمع المجلس الدستوري وجوباً دون أن يحدّد الجهة التي تُخطره، وهي هفوة دستورية مقصودة من طرف واضع الدستور”.

وأضاف المحامي أنّ “المادة 102 من الدستور ستجد صعوبة في التطبيق باعتبار الشخص الذي يُفترض أن يخلف عبد المجيد أي رئيس مجلس الأمة يؤدي مهامه بالنيابة، وهنا يمكن أن تتجه الأنظار إلى رئيس المجلس الدستوري الحالي كمال فنيش، لكنّ المجلس الدستوري اليوم يمارسُ مهامه بتشكيلة غير كاملة بعد استقالة بلعيز وعدم استخلافه”.

على المجلس الدستوري تطبيق الفقرة الأولى من المادة 102

دعت الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو في اتصال مع “راديو ام” إلى تطبيق الفقرة الأولى للمادة 102 من الدستور، مُوضّحةً: ” هذه الفقرة تشير إلى أنّ هناك حالة المنع التي تعدّ مؤقّتة ومدتها 45 يوماً، في هذه الفترة لن تُنظّم انتخابات، ولن يكون لها أثراً على منصب الرئيس ومهامه”.

وأضافت الخبيرة في القانون الدستوري أنّه “بعد هذه المُدّة يجتمعُ المجلس الدستوري مرّة ثانية، ويعود الرئيس لممارسة مهامه، أمّا إن ثَبُث أنّ الرئيس عاجزٌ عن مزاولة مهامه بسبب مرض مزمن، نمرّ إلى مرحلة ثانية مدّتها 45 يوماً تُنظّم فيها رئاسيات، هذه المرحلة يرأسها رئيس مجلس الأمة بصفة مؤقتة”.

وشدّدت الخبيرة الدستورية على ضرورة تطبيق القانون والفقرة الأولى للمادة 102 من الدستور: “لابدّ من تطبيق القانون، واجتناب ضغط علاقة القوة على الحياة السياسية في الجزائر”، مُردفةً: “طبّقوا القانون والجميع سيكون بجانبكم، علاقة القوة ستؤدّي إلى العنف، لابدّ أن يكون القانون حاكماً بين الأشخاص، على الشعب أن يطلب بتطبيق القانون كما لا يجب أن نتخوّف من تطبيق الفقرة الأولى من نص المادة 102”.

هل سنقع في “فخ الفراغ الدستوري”؟

وفي سؤال عن عدم ترسيم رئيس مجلس الأمّة الحالي صالح قوجيل واحتمال الوقوع في فراغ دستوري، قالت فتيحة بن عبو إنّ “الدستور لا يشترط أن يكون رئيس مجلس الأمة مُرسّما”. وأضافت: “الدستور ليس ناطقاً بالتالي يمكن للفقهاء والقضاة بالمجلس الدستوري تفسيره بطرقٍ عدّة، والمادة 102 لا تشترط ترسيم رئيس المجلس الأمّة”.

وأكّدت بن عبو أنّ المشكل ليس في رئيس المجلس الدستوري، بل في ضرورة تطبيق الفقرة الأولى للمادة 102 من الدستور، قائلةً: “لابدّ أن يعلموا أنّ هذه الفقرة ليست انقلاباً طبياً على الرئيس، لأنها تشير إلى فترة لا تتجاوز الـ 45 يوماً، ثمّ يعود الرئيس لمزاولة مهامه إن شُفيَ”.

وعن الجهة التي تُخطر المجلس الدستوري قالت بن عبو: ” النصوص الدستورية لم تحّدد الجهة التي تُخطر الرئيس، المجلس الدستوري يخطر نفسه بنفسه، فالدستور مُؤمِر، ويوجبُ على المجلس الدستوري الاجتماع عند مرض الرئيس”.

من يُسيّر البلاد وما مصير دستور 2020؟

أكّدت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي زبيدة عسول، أنّ “مركز كلّ السلطات في يد رئيس الجمهورية، كلّ شيء مُجمّد اليوم في البلاد”، وواصلت: “هذا ما أشرتُ إليه في العهدة الرابعة لبوتفليقة، إذ أنّ غيابه أدى إلى انسداد تام في الجزائر”.

وأضافت زبيدة عسول أنّ عبد المجيد تبون يملك جميع السلطات، ولا صلاحيات للوزير الأوّل لاتخاذ القرارات الهامة: “اليوم هناك تعديل دستوري لم يصدر بمقتضى قانون، قانون مالية سنة 2021، على الرئيس التوقيع عليهما، ناهيك عن كلّ القضايا التي تمر بها البلاد من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، عدم وجود الرئيس يؤثر تأثيراً سلبياً على سيرورة الدولة”.

وعن مصير دستور 2020، قالت الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو إنّ الدستور لا يحدد مدّة زمنية للإمضاء عليه: “الإصدار عملية تقنية، لا تتطلب من الرئيس أن يكون طرف، مثلما هو الحال في العملية التشريعية”.

ولم تستبعد بن عبو احتمال اسقاط دستور 2020: ” يُمكنُ للرئيس أن يفسّر نتيجة عزوف الناخبين على الإستفتاء بالرفض، لأنّ العزوف رسالة واضحة من الشعب، وذلك باستناده إلى نصّ المادة 209 من الدستور”.

ماذا إن ثبُت عجز تبون في تأدية مهامه؟

ترى زبيدة عسول أنّ “المادة 102 لن تكون لها أي جدوى إذا ثبت عدم قدرة الرئيس على ممارسة مهامه، لأن هنالك اعتبارات موضوعية تمنع الخوض في انتخابات واستحقاقات جديدة”.

وعدّدت عسول هذه الإعتبارات في ثلاث نقاط: “أولا وباء كورونا وتزايد عدد الإصابات، ثانيا استحالة حل الأزمة السياسية بتكرار انتخابات مفروضة على الشعب، ثالثاً أنّ الرئاسيات لن تحلّ الأزمة لأنّها سياسية بامتياز”، مؤكّدة: “الحل السياسي يكمنُ في الذهاب إلى المسار التأسيسي ومرحلة انتقالية مع حوار جاد لا يُقصي أي طرف للإعلان عن خارطة طريق توافقية يمكن أن تُجنّب البلاد من المخاطر والانزلاقات والتشنّج”.

من جهته قال المحامي عبد الرحمن صالح إنّ “الحل البديل الذي يفرض نفسه اليوم هو ضرورة عقد ندوة حوار وطني يشارك فيها الجميع من سلطة وحراك وأحزاب، على أن تنتهي هذه الندوة بإعلان دستوري يؤطّر هذه المرحلة القادمة”.

وأضاف عبد الرحمن صالح أنّه “من الضروري أن تُسند إدارة الحوار إلى شخصية مستقلة يتوافق حولها الجميع مثل مولود حمروش، الذي يراه مؤهلاً تماما لأنه مقبول من طرف السلطة والحراك”.

هل يسيّر الجيش المرحلة المقبلة إذا طُبّقت المادة 102 على تبون ؟

استبعدت زبيدة عسول اعتماد مؤسسة الجيش الحلّ الذي لجأت إليه قيادة الأركان بعد حراك 22 فيفري 2019: “أوضاع البلاد اليوم ليست نفس أوضاع سنة 2019، وباء كورونا أزّم الأوضاع من الناحية الاجتماعية الاقتصادية وحتى السياسية في البلاد”.

وأوضحت عسول: ” لا يمكن ممارسة السياسة بطريقة عادية في ظلّ هذه الأزمة الصحية، كما لا أعتقد أن الحلّ الذي اعتمده المرحوم أحمد قايد صالح سيحلّ الأزمة السياسية، البلاد بحاجة اليوم إلى حل سياسي وتشاور لضمان استقرار البلاد، خاصة وأن الأوضاع على الحدود ليست مطمئنة، هناك معطيات جديدة لا يمكن بموجبها تطبيق نفس الحلول التي اعتمدتها قيادة الأركان في 2019″.

أمّا المحامي عبد الرحمن صالح فأكّد أنّه ” دستورياً لا يمكن للمؤسسة العسكرية أن تقوم بنفس الدور الذي قام به أحمد قايد صالح”. موضّحاً: “أحمد قايد صالح مارس في 2019 وظيفة سياسية باعتباره عضواً في الحكومة ووظيفة عسكرية باعتباره قائداَ لأركان الجيش”.