مجيد سيدي سعيد: من نقابي في التكوين المهني إلى بارون من بارونات العصابة - Radio M

Radio M

مجيد سيدي سعيد: من نقابي في التكوين المهني إلى بارون من بارونات العصابة

Radio M | 14/05/22 17:05

مجيد سيدي سعيد: من نقابي في التكوين المهني إلى بارون من بارونات العصابة

كيف يمكن أن تجمع بين العمل النقابي والبزنسة؟ الإجابة على هذا السؤال تقتضي فهم طبيعة النظام الجزائري الذي حول كل مكاسب الثورة التحريرية إلى أدوات بيروقراطية تسمح له بتوزيع الريع غلى زبائنه وتهميش معارضيه، ومن ثم الاستمرار في الحكم لمدة ستين سنة والقصة ما زالت مستمرة.

قاضي محكمة سيدي أمحمد أودع أمس أحد رموز المركزية النقابية الوحيدة المسموح لها بالنشاط في بلادنا، الحبس المؤقت بتهم الفساد. وقبل هذه القضية كان مجيد سيدي سعيد قد واجه القضاء الجزائري بمناسبة أكبر قضية فساد في تاريخ القضاء الجزائري، وتتمثل في قضية مجمع الخليفة.

آنذاك اعترف سيدي سعيد في محاكمة علنية أنه فعلا أمر بإيداع أموال الخدمات الاجتماعية التي كانت تسيرها هياكل الاتحاد العام للعمال الجزائريين وقال للقاضي “أتحمل المسؤولية”. ورد عليه القاضي “انت هنا كشاهد” بمعنى لست مسؤولا، وبمعنى آخر انت مسموح لك أن تعيث في الأرض فسادا، بينما أودع اللاعب الدولي السابق مزيان إغيل مثلا السجن لأن القضاء رأى الراتب الذي كان يتقاضاه في تلفزيون الخليفة “خياليا” ولا شيئ في القانون يمنع شخصا من تقاضي راتب خيالي.

من هو مجيد سيدي سعيد؟

بدأ مجيد سيدي سعيد، صاحب 73 عاما الآن، مساره النقابي في قطاع التكوين المهني الذي ينتمي إليه مهنيا، وأصبح سيدي أمينا عاما للاتحاد الولائي لتيزي وزو. ولأن هذا الاتحاد معروف بتمرده على قرارات قيادته على طريقة تمرد منطقة القبائل على سياسة الحزب الواحد، فقد وجد سيدي سعيد الطريق معبد أمامه للصعود هرم المسؤوليات داخل الاتحاد العام، مستفيدا من عامل “قبائل السيرفيس”.

وتم انتخاب مجيد سيدي سعيد الملقب ب”الرومي” لأول مرة في الأمانة الوطنية للاتحاد العام خلال المؤتمر الثامن وتولى قيادة قسم النزاعات الاجتماعية. وأظهر سيدي سعيد كفاءة عالية في تسيير النزاعات الاجتماعية واستطاع أن يحل الكثير من الملفات، ما أكسبه تعاطف كبير في الأوساط العمالية، زيادة لطبعه الخفيف وميوله للتنكيت… لكن سيدي سعيد طلب من المرحوم عبد الحق بن إعفائه من قسم النزاعات الاجتماعية ل”كثرة مشاكله”، ولبى الأمين العام المغدور طلبه، حيث نقله لقسم العلاقات الخارجية.

ولم يدم الرجل الأشقر طويلا على رأس الأمانة الوطنية للعلاقات الخارجية بسبب تلك العملية الإرهابية الجبانة التي عاشتها دار الشعب، مقر المركزية النقابية عام 1997 وإستهدفت ابن قطاع التعليم وابن قسنطينة، عبد الحق بن حمودة. ليجد مجيد سيدي سعيد نفسه على رأس الاتحاد العام بالنيابة لمدة ثلاث سنوات، ثم انتخب أمينا عاما في مؤتمر حسمت نتائجه لصالح القبائلي بعدد قليل من الأصوات أمام منافسه الجيجلي، صالح جنوحات رحمه الله.

وتكاد هذا الأخير أن ينتزع الأمانة العامة للاتحاد من سيدي سعيد خلال المؤتمر الموالي، بل انتزعها، بعدما رتب كل الاوراق لصالحه، وهو الذي يسير الأمانة الوطنية للتنظيم منذ سنوات طويلة. لكن المرحوم جنوحات تلقى زيارة مفاجئة قبل نهاية أشغال المؤتمر بقليل. هذه الزيارة هي لوزير العدل آنذاك طيب لوح، مرفوقا بسعيد بوتفليقة وعقيد في المخابرات، حسبما تسرب من كواليس ذلك المؤتمر. ونقل الثلاثي لجنوحات أمرا بالانسحاب ونفذه وانسحاب بعدها من مبنى ساحة أول ماي نهائيا.

بداية قصة جديدة بين سيدي سعيد والاتحاد العام

المتتبعون لتاريخ الاتحاد العام وتطور قيادته يجزمون أن سيدي سعيد تغير موقعه في المركزية النقابية مع قضية الخليفة من جهة ومع المؤتمر الذي خسره ميدانيا لصالح المرحوم جنوحات وجاءت العصابة لتفرض استمراره على رأس النقابة الاي أسسها الشهيد عيسات إيدير ومجاهدون وشهداء كثيرون.

سيدي سعيد الذي قاد عدة إضرابات عمالية أصبح عدو الإضرابات. وأصبح سيدي سعيد يخشى انتقاد الحكومة بعدما كانت الحكومة تخشى انتقاداته. وحول سيدي سعيد في مرحلة ما الساحة الواسعة التابعة لقضاء دار الشعب، إلى “شوروم” لسيارات “رونو” و”هنداي” تحت شعار “منتوج بلادي”.

وهكذا أصبح إسم سيدي سعيد مرتبط شيئا فشيئا بالفساد المالي إلى أن أصبح هدف العمال والنقابيين الأول هو الإطاحة بسيدي سعيد. ولم يتأخر هؤلاء طويلا بعد حراك 22 فيفري ليشنوا حركة احتجاجية مطالبة برأس من قضى 22 سنة في الأمانة العامة لنقابة ليست له علاقة لها من الناحية القانونية، بما أنه لم يعد عاملا منذ سنوات، بل أضحى رجل أعمال أكثر من كونه نقابي.

سيدي سعيد إضطر للانسحاب إذن خلال المؤتمر الأخير للاتحاد العام بعدما دافع بإستماتة على العهدة الخامسة لبوتفليقة. لكنه قبل الاسنحاب، أدى آخر مهمة تمثلت في تحضير خليفته على رأس الاتحاد العام للعمال الجزائريين.

م. إيوانوغن