في الجزائر: قصّة "أحلام" طفلةٌ قاصر تزوّجت مُغتصِبها وفلِتَ من العقاب بقوّة القانون - Radio M

Radio M

في الجزائر: قصّة “أحلام” طفلةٌ قاصر تزوّجت مُغتصِبها وفلِتَ من العقاب بقوّة القانون

كنزة خاطو | 25/11/20 16:11

في الجزائر: قصّة “أحلام” طفلةٌ قاصر تزوّجت مُغتصِبها وفلِتَ من العقاب بقوّة القانون

في اليوم العالمي ضدّ العنف المسلّط على النساء، الدي يُصادف يوم 25 نوفمبر من كلّ سنة، يعود الجدل حول المُشرّع الجزائري والقوانين التي تصفها مناضلات نسويات وجمعيات ناشطة في حقوق المرأة بالتمييزية، التي دائماً ما تكون في صفّ الرجال، من بين هذه القوانين تلك التي تسمح بزواج المُغتصب بالمغتصبة، الأمر الذي يفلتُ بموجبه الجاني من العقوبة.

وعن هذه الظاهرة قصّة “أحلام” التي لم تكن ضحية اغتصابٍ فحسب، بل أُجبرت وهي قاصر على العيش مع مرتكب الجريمة تحت سقف واحدٍ، بحكم القانون والمجتمع الجزائري الذي يرى في الاغتصاب شرف العائلة فقط.

التحرّش في الطفولة ثمّ ضحية تزوّجت مُغتصبها في المراهقة

تعيشُ أحلام في مدينة وهران، امراة في الأربعينيات وأمّ لطفلين، تقضي يومياتها اليوم في النشاط الجمعوي بعد أن أسّست جمعية “حلم التعايش الإيجابي” التي تتكفّل بالمصابين بفيروس نقص المناعة المُكتسبة.

قصّة “أحلام” بدأت وهي في مرحلة البراءة، وتقول في شهادتها لـ “راديو ام”: “عندما كنت صغيرة كانت والدتي تُسافر كثيراً، تتركني مع أختي لدى الجيران وأشخاص تثق فيهم، كنّا نتعرّض للتحرّش الجنسي من طرفهم، لم نخبر أمّي بذلك بحكم سنّنا الذي يسمح بالخوض في هذه المسائل”.

في مرحلة المُراهقة، اغتُصبت أحلام من طرف جارها القاصر: ” وأنا في سنّ الـ 15، استدرجني ابن الجيران إلى قبو تحت منزلي، واغتصبني، قرّرت فتح القصّة مع والدتي وعائلتي، ردّة فعلهم كانت اجباري على الزواج به”.

تقول أحلام في شهادتها إنّ “عائلتها كانت ترى في زواجها من مُغتصبها حلّا”، مشيرةً إلى أنّ “زواجها بمُغتصبها كان عُرفياً دون أن يتمّ العقد المدني، بحكم السنّ الذي لا يسمح لهما بذلك”.

مُغتصبُ أحلام واصل التحرّش بها حتى بعد الزواج: “كان يضربني، يشتمني، يحتقرني وُيلقي كلّ اللوم عليّ”، تُضيف: “عائلتي أيضاً كانت تُحمّلني المسؤولية”.

عندما بلغت أحلام سنّ الرّشد، طلبت الطلاق: “عند بلوغي الـ 18 سنة تطلّقت بالكلمة لأنّ زواجي كان بالفاتحة، تطلقت وأنا أمّ لبنت”.

قرّرت أحلام بعدها مُغادرة أرض الوطن: “بعدها هاجرت مع ابنتي وقرّرت إعادة بناء حياتي، عملت وأصبحت مستقلّة ثمّ تزوّجت وبقيت خارج الجزائر مدّة 15 سنة إلى أن تُوفّي زوجي بعد إصابته بفيروس نقص المناعة المُكتسبة”.

اكتشفت أحلام بعدها أنّها أُصيبت بفيروس نقص المناعة المكتسبة وقرّرت العودة إلى الجزائر: “رجعت إلى أرض الوطن ووهبت نفسي للمجتمع المدني والنشاط الجمعوي، أسست جمعية للتكفّل بحاملي الفيروس، وحاربت التمييز، أنا اليوم متزوجة بمتعايش مع الفيروس ونسعى معاً للتكفل بحامليه ومحاربة العنف”.

ختمت أحلام شهادتها بالقول: “الحياة لا تتوقّف لابدّ من محاربة العنف والصمود”.

المادة 336 من القانون الجزائر تسمح بزواج المُغتصب بالضحية

في القانون الجزائري، تنص المادة 336 على “المعاقبة بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، لكل من ارتكب جناية الاغتصاب”. وتضيف المادة: “إذا وقع الاغتصاب على قاصر لم تكمل 18 سنة، فتقضي العقوبة بالسجن من 10 إلى 20 سنة”. ويسمح القانون الجزائري للمغتصب بالإفلات من العقاب إذا تزوج ضحيته في حال كانت دون سن الـ18″.

وتدعو ناشطات وجمعيات نسوية في الجزائر بإلغاء البند الثاني من نصّ المادة، لأنّ العديد من ضحايا الاعتداءات الجنسية يجبرن على الزواج من الجاني للإفلات من العقاب.

أمال حجاج: “يجب اسقاط هذا القانون الذي يسمح بزواج الضحية بمُغتصبها”

أكّدت الحقوقية والمناضلة في مجال حقوق المرأة أمال حجاج، في اتصال مع “راديو ام” أنّ “المشرّع الجزائري يُسقط العقوبة عن المُغتصب بمجرّد زواجه بالضحية” داعيةً إلى إسقاط هذه المادة، مثلما فعلت تونس والمغرب قبل سنوات”.

واعتبرت أمال حجاج أنّ الجميع مشارك في هذه الجريمة خاصّة الأولياء: “على الأولياء أن يعلموا أنّهم باجبار الضحية على الزواج بمغتصبها يُعدّ مُشاركة في العنف، وهذا غير مقبول”.

وأضافت المناضلة أنّ “القانون الذي يسمح للقاضي بأن يُزوّج ضحية مع مُغتصبها أو القانون الذي يسمح بزواج فتاة قاصر لابدّ أن يسقط”.

لودميلة عكاش: “مكان المُغتصب في السجن”

وقالت الحقوقية المناضلة في مجال حقوق المرأة لودميلة عكاش لـ “راديو ام”، إنّ “قصّة أحلام هي قصّة نساء كثيرات في المجتمع الجزائري”، داعيةُ إلى “إسقاط هذه المادة التي تسمح بذلك”.

وأضافت لودميلة عكاش أنّ فكرة زواج الضحية بشخص اغتصب حياتها أمرٌ غير مقبول، لأنّ مكان المُغتصب في السجن”، مشدّدة: “ليس للمُغتصب الحق في أن تكون له كلمةُ على الضحية بعد الجريمة، القانون الذي يسمح بذلك يمنحه هذه الفرصة وفي اغتصاب الضحية مرّات أخرى”.

وأشارت المناضلة النسوية أنّ “المسؤولية تقع على عاتق الدّولة أوّلا لأنّها لا تتخذ إجراءات للحدّ من هذه الظواهر، ثمّ على المجتمع الذي يبرّر تلك الظواهر”.