غليان في الجبهة الاجتماعية والسلطة منشغلة بالانتخابات القادمة - Radio M

Radio M

غليان في الجبهة الاجتماعية والسلطة منشغلة بالانتخابات القادمة

Radio M | 20/01/21 21:01

غليان في الجبهة الاجتماعية والسلطة منشغلة بالانتخابات القادمة

عادت الجبهة الاجتماعية في الجزائر إلى الغليان، من خلال تهديد عديد القطاعات بالدخول في إضراب وشن احتجاجات، ذلك بعد عام من الركود الناجم عن تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19) الذي فرض منطقه على البشرية بعزلها عن العالم، وفاقم المتاعب الاقتصادية، سيما بالنسبة للبلدان التي تعتمد على النفط والغاز لتمويل خزينتها العمومية.

وتشمل المطالب المرفوعة في الشق الاجتماعي، تحسين الوضع المعيشي وتوفير مناصب شغل، وتسوية الملفات العالقة المرتبطة بشبكة الأجور أو معاشات التقاعد.

وخلال منتصف شهر جانفي الجاري، تجمع المئات من الشباب العاطل عن العمل من خريجي معاهد المحروقات، في ورقلة، عاصمة النفط جنوبي البلاد، في حركة احتجاجية للمطالبة بالتوظيف والتنديد بطريقة تسيير ملف التشغيل في ولايتهم، مؤكدين غياب الشفافية في توزيع مناصب الشغل وعدم تطبيق مبدأ أولوية التوظيف لأبناء المنطقة في شركات النفط.

 ورفع المحتجون عدة شعارات أبرزها “أين حقنا” و”بركات من الحقرة بركات”، وكذا “خريجي المحروقات، يبيعون الخصروات”، دون أن تجد هذه الهتافات الغاضبة ردا من قبل الحكومة. في وقت اكتفى وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، بالإشارة إلى تسجيل تراجع في عروض التوظيف خلال 2020، إلى حدود 30 في المائة، بسبب انتشار فيروس كورونا الذي أعطب الحركة الاقتصادية في البلاد.

ويُعد ملف التوظيف في الجنوب من الملفات “الملغمة” التي فشلت كل الحكومات في حلها، أو حتى معالجتها بشكل جدي، وهو ما يجعل الاحتجاجات تتكرر من فترة إلى أخرى وبنفس المطالب التي يبقى عنوانها الأبرز وقف التهميش الذي يطال المنطقة.

على الجهة المقابلة، دخل موظفو قطاع التجارة في اضراب مفتوح ابتداءً من يوم الأربعاء 20 جانفي، للمطالبة بتحسين ظروف العمل، رفع الأجور والعلاوات وإعادة النظر في القانون الأساسي لعمال القطاع.  كما ندّد المحتجون “بكل محاولة لتجريم العمل النقابي ورفض الحكومة لتلبية مطالبهم التي وصفوها بالمشروعة”.

ومست الاحتجاجات أفراد الحرس البلدي بتييازة المنضوين تحت لواء التنسيقية الوطنية للحرس البلدي، من خلال تنظيم وقفة أمام مقر الولاية، رافعين جملة من المطالب المهنية والاجتماعية العالقة منذ نحو 11 سنة، على غرار الاعتراف الرسمي بسلك الحرس البلدي في مكافحة الإرهاب وحماية مؤسسات الدولة في العشرية السوداء، التعويض القانوني عن الساعات الإضافية، التقاعد الكامل، رفع راتب معاشات المتقاعدين، ومنحة حل السلك ونهاية الخدمة.

ضمن نفس السياق، قرّرت الاتحادية الوطنية لمستخدمي قطاع التكوين والتعليم المهنيين، تنظيم وقفات احتجاجية وما وصفته بـ “الانتفاضة الوطنية”، ابتداءً من مطلع الأسبوع القادم، مع التصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

وأبدت الاتحادية غضبها مما أسمته “استمرار ممارسات بقايا العصابة المتجذرة “، ورفض “التغيير” وتكريس “الفكر الأحادي الاقصائي”، ورفض “الالتزام بالقانون والتعليمات”، والتي تعرقل عملهم النقابي، إذ تطالب هذه الفئة بمراجعة القانون الأساسي والمطالبة بمنحة المسؤولية ومنحة المردودية، وتوقيف التهديدات ضد المتعاقدين من العمال، ومساومتهم، للاستقالة من الانخراط في التنظيم النقابية المستقلة، وتوحيد العطل الدراسية مع قطاع التربية.

كما شهدت مناطق متفرقة من الوطن مؤخراً، احتجاجات على توزيع السكنات، وقطع الطرقات بسبب انعدام التنمية سواءً لنقص الماء الصالح للشرب أو انعدام الغاز

موجة غلاء وتدهور قيمة الدينار

هذه التوترات الاجتماعية، تزامنت مع ارتفاع في أسعار المواد الأساسية والسلع بنسبة فاقت الـ 30 بالمائة، وفق رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي، كما تعرف العملة الوطنية (الدينار) تهاوي في قيمتها إلى مستويات متدنية قياسية، أمام تراجع أسعار النفط وانكماش اقتصادي رهيب، زادت الأزمة الصحية خطورته.

وفي ظل الوضع الاقتصادي المتأزم، تبدو الحكومة عاجزة عن ابتكار حلول جدية لاحتواء الوضع، وضمن هذا السياق قالت البرلمانية أميرة سليم “لقد مللنا التسويف الحكومي وترحيل المشكلات بعد سنة من مواجهة وباء كوفيد-19 الذي كان حجة لاستمرار الحكومة الحالية ومنع تغيير الوزراء الفاشلين فيها لأكثر من مرة حتى أضحينا أضحوكة أمام وسائل الإعلام العالمية”.

وذكرت سليم في منشور عبر صفحتها في فيسبوك بـ “مطالبها بالتعجيل في التعديل الحكومي لعدة أسباب داخلية وخارجية تتعلق بما يحدث في جوارنا، إضافة إلى الأزمة الصحية والاقتصادية وملف العالقين والجالية الذين حرموا من دخول البلاد منذ عشرة أشهر ولم تتمكن هذه الحكومة في إيجاد حلول عاجلة”.

وفي الأيام الأخيرة ارتفعت حدة الانتقادات الموجهة إلى حكومة عبد العزيز جراد بالنظر إلى الكم الهائل من المشاكل غير المعتادة التي قفزت إلى واجهة الجبهة الاجتماعية والاقتصادية، مثل أزمة السيولة المالية، وندرة في الدواء، والانقطاعات المتكررة للمياه.

ووجّه الرئيس عبد المحيد تبون، قبل عودته إلى ألمانيا من أجل مواصلة العلاج، انتقادات مبطنة للحكومة الحالية، عندما قال “هذه الحكومة فيها وعليها”، وهو التصريح الذي يقر بفشل الجهاز التنفيذي.

الوضع السياسي ليس أحسن حالاً من نظيره الاجتماعي، مع رفض السلطة فتح حوار وطني، واستمرار سلسلة الاعتقالات أوساط النشطاء، وتسليط عقوبات يصفها حقوقيون بـ”القاسية”، كان آخر أحكام بالسجن لسنة ونصف في حق الناشطة من ولاية مستغانم، دليلة توات، بتهمة “إهانة هيئة نظامية والقذف ومنشورات تمس بالنظام العام”.

ووفق لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي، ثمة نحو 90 شخصا مسجون على خلفية احتجاجات الحراك أو الحريات الفردية، وتستند 90 بالمئة على الأقل من القضايا إلى منشورات تنتقد السلطات على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتبدو السلطة غير مكترثة بتحذيرات السياسيين وخبراء الاقتصاد من الوضع العام في البلاد، بدليل انشغالها بالتحضير للاستحقاقات البرلمانية والمحلية المقبلة، من خلال تعديل قانون الانتخابات المتواجد حالياً على طاولة الأحزاب لتقديم اقتراحاتهم.