جنازة عمّي "بورقعة": رائحة 22 فيفري عبّقت المكان وأصواتٌ تهتف "الإستقلال" - Radio M

Radio M

جنازة عمّي “بورقعة”: رائحة 22 فيفري عبّقت المكان وأصواتٌ تهتف “الإستقلال”

Radio M | 06/11/20 08:11

جنازة عمّي “بورقعة”: رائحة 22 فيفري عبّقت المكان وأصواتٌ تهتف “الإستقلال”

كانت للمجاهد قضية أفنى حياته من أجلها، قضية وطن وحرية، جاهد وناضل في سبيلها إلى أن وافته المنية في شهر الثورة نوفمبر، وأبى جيل الإستقلال اليوم إلا أن يُكرّمه في جنازة مهيبة بمقبرة سيدي يحيى، أين بحّ صوته عالياً “يا مجاهد ارتاح ارتاح سنواصلُ الكفاح”.

في انتظار الموكب الجنائزي

بدأت الحشود تجتمع منذ الساعة الواحدة ظهراً أمام مقبرة سيدي يحيى بالعاصمة، ينتظرون تشييع جنازة المجاهد لخضر بورقعة، شخصيات من جميع التيارات السياسية، وجوه بارزة في الحراك الشعبي، مواطنون ونشطاء منهم من يرتدي العلم الوطني، يتبادلون أطراف الحديث عن كفاح الرّجل وأهمّ محطاته التاريخية.

كان المكان يعجّ بأفراد الأمن الوطني بالزي المدني والرسمي، يحاولون فتح الطريق أمام المركبات التي وجدت صعوبة في المرور بسبب اكتظاظ المكان بأقارب وأصدقاء ومحبّي البطل قائد الولاية الرابعة التاريخية إبان الثورة.

الجميع كان يرفع هاتفه الذكي، بين من يلتقط الصور والفيديوهات ومن يُوثّق على المباشر الحدث، ينتظرون وصول جثمان الفقيد ليودّعوه، يُودّعون شخصية تاريخية عظيمة وقّعت اسمها من ذهب في جميع محطات الجزائر التاريخية، آخرها كان الحراك الشعبي المبارك.

أجواء مهيبة وحناجر تصرخ “الإستقلال

في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال، من بعيد نستطيع سماع صدى حناجر تصرخ عالياً: “يا مجاهد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح” و”اخواني لا تنسوا الشهداء لي ضحاوا من أجل البلاد”. نعم، وصل الموكب الجنائزي إلى مقبرة سيدي يحيى قادماً من حيدرة -العاصمة-.

في هذه اللحظات وقف الحاضرون وردّدوا التكبيرات، ثمّ شعارات الحراك، إلى أن وصلت سيارة الإسعاف وبداخلها عمّي بورقعة المجاهد، شكّل أعوان الأمن الوطني سلسلة حولها ودخلوا المقبرة، رفقة عشرات الجزائريين ومعهم أصواتهم التي دوّت المكان.

داخل مقبرة سيدي يحيى أين أوصى عمي بورقعة دفنه بجانب حفيده، أجواء مهيبة تعجّ بالمواطنين، لم تكفِ حتى لدخول الجميع، صلّى الحاضرون ثمّ رموا التراب على فقيد الجزائر، قبل أن يقدّم جنود الجيش الوطني الشعبي التحية عليه.

بين الثانية والأخرى، يهتف مواطن “الله أكبر” ويردّد وراءه الحاضرون التكبير، ثمّ آخر يردّد شعار “يا بورقعة ارتاح سنواصل الكفاح”، وآخر “الاستقلال” ثمّ “دولة مدنية ليست عسكرية”، ونفس الشيء الحاضرون يُردّدون نفس الشعار.

من الحضور من عبّر عن غضبه أمام أضواء كاميرات قنوات التلفزيون التي جاءت لتغطية الحدث: “اذهبوا، لقد قمتم بتخوينه حينما كان حيّا يُرزق”!

رائحة فيفري 2020 تٌعبّق أرجاء المكان

خرج الحاضرون من المقبرة، رائحة انتفاضة فيفري 2020 تٌعبّق أرجاء المكان، وجوه بارزة في الحراك الشعبي وشخصيات سياسية تمشي رفقة الحاضرين.

مسيرة نظّمها الحاضرون، ردّدوا فيها أبرز شعارات الحراك: “دولة مدنية ليست عسكرية”، “الشعب يريد الإستقلال”، “اسمعوا يا ناس بورقعة خلى وصاية، دولة مدنية ليست عسكرية”، “غدوة كاين مسيرة”.

استغرقت المسيرة حوالي 20 دقيقة، لتشرع عناصر الأمن بالزي الرسمي والمدني محاولة تفريقها، إلّا أنّ حرارة المواطنين كانت أكبر وأصرّوا على المواصلة.

كان الطلبة يتقدّمون المسيرة، شخصيات سياسية من بينهم رئيس حزب الأمدياس وزوجته إلى جانب رئيسة حزب الإتحاد من أجل التغيير والرقي زبيدة عسول ورئيس حزب الأرسيدي محسن بلعباس، ناشطون وحقوقيون أيضاً كانوا في الموعد من بينهم المحامي عبد الغاني بادي إلى جانب السعيد زاهي ومصطفى بوشاشي.

بعد حوالي 20 دقيقة، أغلقت قوات مكافحة الشغب الطريق أمام المواطنين، وفرّقت المسيرة، طائرة مروحية بدأت في هذه الأثناء تُحلّق فوق شارع سيدي يحيى، وطالبت الشرطة من الواقفين مغادرة المكان.

جنازة ترجمت عظمة المجاهد لدى الجزائريين

كانت إذن جنازة تاريخية تليق بمقام المجاهد قائد الولاية التاريخية الرابعة لخضر بورقعة، جنازة تترجم حبّ واحترام الجزائريين لشخص البطل، بطل بعث في نفوس جيل الإستقلال أملاً في مستقبل كما أراده الشهداء وهذه كانت وصيّته: “لا تكرهوا الجزائر فالتغيير سيكون حتماً”، والجواب كان بمقبرة سيدي يحيى: “يا بورقعة ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح”.

تغطية: كنزة خاطو