بين جدل الحلال والحرام وهَواجِس العزوف: "حملة صحية" لإقناع الجزائريين بلقاح كورونا - Radio M

Radio M

بين جدل الحلال والحرام وهَواجِس العزوف: “حملة صحية” لإقناع الجزائريين بلقاح كورونا

Radio M | 20/01/21 18:01

بين جدل الحلال والحرام وهَواجِس العزوف: “حملة صحية” لإقناع الجزائريين بلقاح كورونا

تقُود وزارة الصحة منذ نحو أسبوعين ما يُشّبه “حملة تحسيسية” على لسان مختصين في القطاع لشرح أهمية التلقيح ضد فيروس كورونا (كوفيد 19) الذي يُفترض مُباشرته في الأسبوع الأخير من شهر جانفي الحالي، بعد وصول الدفعة الأولى من اللقاحين الروسي والصيني. ما يعكس هواجس الحكومة من فرضية عزوف المواطنين كما حصل في بلدان عدّة.

هاته الهواجس عبّر عنها البروفيسور كمال صنهاجي مدير الوكالة الوطنية للأمن الصحي، في تصريحات إذاعية قال فيها إنّ “الخوف من اللقاح أصبح أكثر خوفاً من الفيروس بحد ذاته”. مبرزا أنّ عمليات سبر الآراء التي أُجريت في أوروبا قبل بدء عملية التطعيم أظهرت أنّ 60 بالمائة من الأوربيين يرفضون اللقاح لكن بعد الشروع في العملية أظهرت الاستطلاعات ترحيب 64 بالمائة بتلقي اللقاح.

إلى ذلك، شدّد البروفسور الجزائري، على ضرورة التواصل جيداً مع الموطنين، مؤكداً أنّ اللقاحات ساهمت في تقليص عدد الوفيات بسبب الأمراض المعدية بنسبة 50 بالمائة خلال القرن الماضي.

إضافة إلى البروفسور صنهاجي، نزل عدّة مسؤولين على بلاتوهات القنوات التلفزيونية والخاصة في المدة الأخيرة، لتقديم توضيحات عن اللقاح والفئة المعنية به في المرحلة الأولى، وكذا الآثار الجانبية التي من الممكن أن يسببها هذا اللقاح.

إذ أكد المدير العام للمصالح الصحية بوزارة الصحة وعضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد تفشي وباء كورونا، إلياس رحال، في رسالة طمأنة جاهزية الأطقم الطبية لشروع في عملية التلقيح، مشيرا إلى أنّ “عملية التلقيح ستكُون تدريجية وعلى طول السنة”.

على الجهة المقابلة، قال الناطق الرسمي للجنة رصد ومتابعة فيروس كورونا، جمال فورار، أنّ مصالح وزارة الصحة ستشرع في تكوين كل عمال القطاع المعنيين بالمشاركة في حملة التلقيح ضد كورونا.

وقبل وصول اللقاح المضاد لفيروس كورونا، تفجر جدل حاد أوساط المجتمع بين مؤيد ورافض ومتردد من استعماله، في وقت أثار تشكيك رئيس نقابة الأئمة جلول حجيمي في مُكوّنات اللقاح الروسي، ومطالبته الحكومة التحقق إن ما كان حلال أو حرام بمعنى يحوي على الخنزير ومشتقاته، نقاشاً محتدماً على منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأمام التشكيك الحاصل، سارع الناطق باسم اللجنة الحكومية لرصد ومتابعة فيروس كورونا، جمال فورار، لاحتواء الوضع بالتأكيد على أن اللقاح الروسي الذي اختارته الجزائر حلال ولا شبهة بخصوصه، محذرا مما أسماه بـ “الشبهات السلبية التي تسعى إلى تحطيم الجهود الرامية إلى القضاء على فيروس كوروناّ”. وأضاف “لا يمكن أن تكون تأثيرات جانبية بعد تلقي اللقاح كالحمى والإرهاق لكن سرعان ما تختفي خلال ساعات”.

هذا الجدل القائم، لا يقتصر على الجزائر فقط، إذ طالبت عدة هيئات دينية في الدول العربية والإسلامية بإجراء تحقيق على مكونات اللقاح قبل عرضه على المواطنين. وإن جوبهت هذه الدعوات بانتقادات من طرف المنتمين للقطاع الصحي، الذين يُطالبون بأن تبقى الأمور العلمية في سياقها وبين أيدي أهل الاختصاص، وألا تكون عرضة للمتاجرة من طرف أي جهة كانت.

وعلى سبيل المثال أجاز “مجلس العلماء” الإندونيسي، التلقيح ضد فيروس كورونا، ويتعلق الأمر بلقاح “سينوفاك بيوتيك” الصيني. لتُصبح إندونيسيا أول دولة خارج الصين يعتمد هذا اللقاح. مع العلم أن هذا البلد الإسلامي سبق له حظر استيراد لقاح الحصبة مُنذُ عامين تقريباً لاحتوائه على مكوّنات الخنزير، اذ تعد مادة الجيلاتين المستخلصة من الخنزير ضرورية لضمان استمرار فعالية اللقاح خلال النقل والتخزين، وهي شائعة الاستخدام في الصناعات الطبية والغذائية بهدف الحفاظ على حماية المنتجات من الحرارة أو الجفاف وبالتالي إطالة عمرها الافتراضي.

لهذا من غير المستبعد أن تصدر وزارة الشؤون الدينية فتوى شرعية، لتفادي أي لبس قد يحصل، لضمان تطعيم أكبر عدد ممكن لاكتساب “المناعة الجماعة” كما يقول القائمون على وزارة الصحة، بعد أن خصصت الحكومة مبلغ 1.5 مليار دينار لاقتناء 500 ألف جرعة من لقاح كورونا الروسي، فيما تركت ميزانية شراء لقاح “كوفيد-19” مفتوحة مع توقع أن تصل إلى الـ 20 مليار دينار، بحسب تصريحات سابقة للمدير العام للميزانية بوزارة المالية.

ويرتقب أن تستلم الجزائر شحنة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا من الصين قبل نهاية الشهر الجاري، إضافة إلى الروسي. وسجلت الجزائر منذ بداية ظهور فيروس كورونا نهاية شهر فبراير الماضي، أزيد من 10 ألاف إصابة، فيما يقترب عدد الوفيات من الـ 3 آلاف.