الحوار السياسي في الجزائر.. هل يَنتقلُ من النِية إلى الفعل؟ - Radio M

Radio M

الحوار السياسي في الجزائر.. هل يَنتقلُ من النِية إلى الفعل؟

Radio M | 15/01/21 16:01

الحوار السياسي في الجزائر.. هل يَنتقلُ من النِية إلى الفعل؟

ظلّ الحوار السياسي، أكثر كلمة مُتداولة في قاموس الأحزاب في الجزائر، دون أن يجدَ طريقه إلى التجسيد، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقة للسلطة تنقُله من “النية” إلى “الفعل”، من خلال قُبول الجلوس إلى طاولة واحدة تنتهي بخارطة طريق تُخرج البلد من أزماته المتراكمة.

في الآونة الأخيرة، عاد هذا النقاش ليطفو إلى السطح، على مقربة من الذكرى الثانية من الحراك الشعبي الذي اندلع في 22 فبراير 2019، للمطالبة بتغيير جذري للنظام وإرساء دولة الحق والقانون، ليشكل أهم حدث تاريخي، لا تزال مطالبه عالقة.  

ضِمن هذا السياق الداعي إلى تفعيل لغة الحوار، تنقل وفد من حركة مجتمع السلم (حمس) بقيادة رئيسه عبد الرزاق مقري، إلى مقر جبهة القوى الاشتراكية “الأفافاس” الذي يقوده يوسف أوشيش، لتبادل الآراء حول الوضعية السياسية والعديد من القضايا الراهنة، ومن غير المستبعد أن يكون متبوعاً بلقاءات سياسية أخرى في قادم الأيام.

وأوضح بيان صادر عن الأفافاس، الخميس 14 جانفي، أن اللقاء كان فرصة ليُجدد الحزب مواقفه الثابتة والراسخة الرامية إلى ضرورة مباشرة مسار سياسي وحوار وطني جامع للوصول إلى حلول توافقية للأزمة الوطنية المتعددة الجوانب التي تعيشها الجزائر.

وتستند الأحزاب السياسية في دعوتها إلى الحوار، إلى قول الرئيس عبد المجيد تبون، عقب تسلمه مقاليد الحكم نهاية عام 2019 خلفا لعبد العزيز بوتفليقة، عندما صرح “أنا مستعد للحوار مع الحراك مباشرة ومع من يختاره الحراك حتى نرفع اللبس بأن نيتنا حسنة. كما أكد أنه لا يوجد استمرارية لولاية خامسة”، ذلك ردّا على من وصف ترشحه استمرارا لحكم الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

ويُحضّر “الأفافاس” لإطلاق نقاش حول الاتفاقية الوطنية، التي يعتزم طرحها على الأحزاب السياسية والمنظمات، من أجل إيجاد حل لما تراه أزمة سياسية تعصف بالبلاد، مع العلم أنّه طرح في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة مبادرة “الإجماع الوطني”، لكنها لم تجد تجاوبا كبيراً من أحزاب السلطة والمعارضة.

على الجهة المقابلة، شدّد بيان سابق لـ”حركة مجتمع السلم”، على أن “ضمان المستقبل الواعد للجزائر يبدأ بتجسيد الإرادة الشعبية الحقة، دون وصاية بأي شكل من الأشكال، والثقة التامة في اختيارات الشعب الجزائري، وعدم تكرار التجارب التي أفضت إلى كل الأزمات التي نعيشها، والأمارة الأولى لذلك هي جدية الحوار حول قانون الانتخابات، ورزنامة الانتخابات مع القوى السياسية الفاعلة، ومراجعة تشكيلة السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات”. 

وشرعت السلطة في التحضير لمشروع قانون الانتخابات تحسباً لانتخابات برلمانية ومحلية مسبقة يرتقب إجراؤها منتصف العام الجاري، ووعدت هيئة الانتخابات بأن تجري مناقشات القانون في إطار تفاهمات سياسية، وتوفير ظروف ومناخ أفضل لإجراء استحقاقات انتخابية نزيهة وشفافة، وإن كانت هذه الوعود غير جديدة وجاءت مخيبة في كثير من المرات آخرها تعديل الدستور الذي تم الاستفتاء حوله شهر نوفمبر 2020 وشهد مقاطعة شعبية وسياسية واسعة بعد انفراد السلطة بالقرار في إنجازه وتمريره.

في هذا الصدد، أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، أن القانون العضوي للانتخابات ستوزع مسودته التمهيدية خلال الأيام القادمة على الأحزاب السياسية لإثرائه، وتقديم مقترحاتها إلى اللجنة قبل صياغة النص النهائي وإحالته إلى البرلمان.

وبحسب شرفي فإن “القانون سيعتمد نظام اقتراع جديد، يحدث القطيعة التامة بين المال الفاسد والعمل الانتخابي، ويحارب الفساد الانتخابي، كما يتضمن بنودا تدعم ترشح الشباب لتشجيعهم على اقتحام المجال السياسي وخوض الانتخابات، خاصة بالنسبة للكفاءات، حيث توفر الدولة مساعدات مالية لتدعيم الحملات الانتخابية لفئة الشباب.

ويرى سياسيون أنّ لا جدية لأي محاولة سياسية مهما كانت طبيعتها أو أي حوار سياسي حتى تتحقق شروط مثل إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والرأي وفتح المجال السياسي والإعلامي، لأن التجارب السابقة أثبتت أن التعنت السياسي أعاد إنتاج نفس الممارسات، بشكل أدى إلى ضعف المؤسسات وفقدان الشفافية. وأدت هذه النتيجة إلى عدم نجاح أي تحول ديمقراطي وتضيع فرص التغيير.