إمتحان مجلس حقوق الانسان الأممي: الحقائق والحقائق المضادة للتقرير الجزائري - Radio M

Radio M

إمتحان مجلس حقوق الانسان الأممي: الحقائق والحقائق المضادة للتقرير الجزائري

محمد إ | 13/11/22 22:11

إمتحان مجلس حقوق الانسان الأممي: الحقائق والحقائق المضادة للتقرير الجزائري

إعتبرت الجزائر في ردها على توصيات مجلس حقوق الانسان الأممي، الدستور الذي تم تمريره سنة 2020 عن طريق استفتاء سجل نسبة مقاطعة تاريخية “يتماشى مع مطالب الحراك” وعرفت الحراك على أنه “حركة شعبية سلمية طالبت بتغييرات وتحولات سياسية واجتماعية”. فكيف تقدم السلطة على إعتقال مواطنين بسبب مشاركتهم في حركة شعبية سلمية؟   ا

التقرير لا يحمل إجابة عن واقع الحريات وحقوق الانسان في الجزائر حاليا، بل يتضمن أجوبة عن الاطار التشريعي الساري المفعول في بلادنا. وفي هذا الاطار نجد مثلا، أن الجزائر ردت على التوصية رقم 69 المتعلقة ب “مراجعة المادة 87 مكر ارا من قانون العقوبات بغية تحديد أعمال الارهاب بدقة، وضمان عدم استخدام الأحكام المتصلة بمكافحة الارهاب لتقييد الحقوق المكرسة في العهد الدولي، و لاسيما ضد المدافعين عن حقوق الانسان والصحفيين”… بالعبارات التالية “لا تزال الجزائر ملتزمة التزاما راسخا بمكافحة الارهاب. وفي غياب تعريف دولي متفق عليه بالإجماع اعتمدت تشريعات للتصدي للأعمال الارهابية (المادة 87 مكرر من قانون العقوبات)” ا  

ومعروف أن الصراع الدولي القائم حول تحديد مفهوم الارهاب يدور حول قائمة من التنظيمات المسلحة التي تنشط دوليا أو على نطاق دولة معينة. وواضح أن كل دولة أو تكتل دولي يسعى لإدراج منظمات مسلحة معينة في قائمة المنظمات الارهابية أو إبعادها عن هذه القائمة، حسب المصالح الاستراتيجية لها. فمن الطبيعي أن تسعى إسرائيل لتصنيف منظمة حماس الفلسطينية كمنظمة إرهابية. وقد نجحت إسرائيل في مسعاها، حيث أصبحت حماس منظمة إرهابية حتى عند عدد من الدول العربية. ومن الطبيعي كذلك أن تدافع الدول لم تلتحق بمحور التطبيع  على منظمة حماس وتعتبرها حركة مقاومة للاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية

وتوجد هناك حركات تحررية أخرى في العالم تسعى الدول المعنية بها لتصنيفها كمنظمة إرهابية، وهو ما تفعله المغرب مع منظمة “بوليساريو” لكنها فشلت في ذلك بما أن هذه الأخيرة معترف بها من طرف الأمم المتحدة كممثل لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وفي الجزائر تطورت التنظيمات الارهابية وعرفت تسميات مختلفة بداية من “حركة الدولة الاسلامية” التي أسسها سعيد مخلوفي و”الحركة الاسلامية المسلحة” (ميا) التي أسسها عبد القادر شبوطي و”الجماعة الاسلامية المسلحة” (جيا) التي أسسها عبد الحق لعيادة إلى الجماعة المسلحة للدعوة والقتال ثم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي… لكن السلطات الجزائرية لم تصدر قوانين خاصة لمكافحة هذه التنظيمات، بل واجهتها في إطار قانون حالة الطوارئ الذي رفعته سنة 2012، تحت ضغط المعارضة التي كانت تشتكي آنذاك من تأثير قانون حالة الطوارئ على الحريات السياسية

وبعد حراك 22 فيفري، أقدمت السلطات الجزائرية على تعديل قانون العقوبات أنشأت بموجبه  بطاقية وطنية للشخصيات والمنظمات التي تصنفها إرهابية. وهذه البطاقية لا تضم التنظيمات الارهابية المعروفة، بل ضمت أسماء معارضين جزائريين مقيمين في الخارج ومنظمتين إثنتين، هما “الماك” و”رشاد”. وكلاهما يصعب على الجزائر إدراجهما في القائمة الدولية للمنظمات الارهابية، لسبب بسيط أن الأولى زعيمها معروف في الساحة الفنية وهو خصم إيديولوجي للمنظمات الارهابية العالمية. أما الثانية فهي عبارة عن جمعية فكرية أغلب النشطاء فيها دكاترة وباحثين في أكبر المعاهد العالمية

التعذيب والاعدام وحرية الرأي والتظاهر

من توصيات اللجنة المعنية بحقوق الانسان ضرورة “النظر في الشروع في عملية تهدف إلى إلغاء عقوبة الاعدام وفي تدابير وحملت لتعبئة الرأي العام دعما لإلغائها”. وردت السلطة على هذه التوصية، أنه ” لم تشهد الجزائر أي حالات إعدام خارج نطاق القضاء.

ولا ندري لماذا لم تذكر السلطات الجزائرية هنا بوقف تنفيذ الاعدام منذ سنوات طويلة وأن آخر حكم إعدام تم تنفيذه في الجزائر يعود لسنة 1993. وجاء ردها كرفض ضمني لإلغاء حكم الاعدام ورفض القيام بأي حملة لتعبئة الرأي العام في إتجاه إلغاء هذا الحكم. علما أن وزير العدل الحالي، الذي مثل الجزائر في هذا الامتحان الأممي حول واقع حقوق الانسان، دعا من مقر مجلس الأمة لإعادة تفعيل حكم الاعدام

أما بخصوص التوصية المتعلق ب”بتحديث الإطار التشريعي المتعلق بمكافحة التعذيب” فردت الحكومة، أن تمنح المادة 02 من قانون الاجراءات الجزائية “متنح أي شخص يدعي أنه ضحية أعمال عنف الحق في تقديم شكوى ورفع دعوى مدنية أمام المحكمة المختصة والتماس التعويض عن الضرر الذي لحق به”. وهنا اكتفت الحكومة بالرد الشكلي، دون التعليق على حالات التعذيب التي بلغت الهيئات الأممية كحالة وليد نقيش أو الطفل سعيد شتوان، أو حالات السجناء المتوفين في السجن، مثل كمال الدين فخار وكمال تمالت وأخيرا حكيم دبازي المتوفي في سجن القليعة  

وفي توصية أخرى، ذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان، أنه “منذ

المظاهرات التي جرت في 13 فيفري 2021 ، في أعقاب الاحتجاجات التي نظمها الحراك على الأنترنت ، استمر تقديم تقارير عن الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة ضد المتظاهرين السلميين، فضلا عن استمرار الاعتقالات”. وفي أفريل وماي 2021 “منع تنظيم المسيرات تعسفا على مئات المتظاهرين وأي شخص تزعم قوات الأمن أنه من المتظاهرين”. وأوردت أن بعض المحتجين “إحتجزوا وأخلي سبيلهم لاحقا بعد أن أجبروا على توقيع وثيقة يعدون فيها بالتوقف عن المشاركة في المظاهرات”. وأن بعضهم مازال يقضي أحكاما مطولة بينما كان البعض الآخر رهن الاحتجاز السابق للمحاكة (الحبس المؤقت)” بينما “استمرت مقاضاة نشطاء الحراك على أساس قوانين فضفاضة للغاية حتى بعد إعلان العفو الرئاسي في فبراير 2021”. ا

وكل هذه الحالات ردت عليها الحكومة الجزائرية نظريا، حيث قالت ” :يضمن النظام التشريعي الجزائري ممارسة الأنشطة  المتعلقة بحقوق الانسان ومهنة الصحافة وفقا لمتطلبات حرية التعبير. وأي إجراءات جنائية ترفع ضد الجناة تتم وفقا للقانون العام ولا علاقة لها بنشاط الأشخاص المتورطين”. ولم تنف إذن السلطات قمعها الحريات والحقوق المضمونة دستوريا، لكنها تصر على اختزال القضية في الجانب الاجرائي، كأن اعتقال مواطن بسبب آرائه أو صحفي بسبب أداء مهنته يجوز في المواثيق الدولية، بشرط أن يتم ذلك وفق قانون العقوبات وليس قانون الاعلام

حرية المعتقد والتمييز العنصري

لجنة مكافحة التمييز العنصري رحبت بإلاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، لطنها أعربت عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بوقوع حالات من خطاب الكراهية العنصرية من جانب شخصايات عامة، ولاسيما ضد بعض السكان الأمازيغ والمهاجرين” وعبرت اللجنة عن قلقها كذلك من “إزدياد العنصرية وكره الأجانب والتقليل من شأنهم من شأنهم في الملاعب الرياضية ووسائل الاعلام بما في ذلك الشبكات الاجتماعية، ضد نفس الفئات من الناس، مما قد يهيئ مناخا مواتيا لأعمال العنف التي ترتكب بدوافع عنصرية”. ا

وردت الحكومة عن هذه الوضعية بالترسانة القانونية التي سنتها لمكافحة خطاب الكراهية، لكنها لم تقل بأنها طبقت هذه الترسانة القانونية ضد نشطاء الحراك الشعبي، حيث كيفت هذه النصوص لتجريم إنتقاد السلطة والمسؤولين، وجعلت المنشرات الفيسبوكية  المعارضة ك”منشورات تحرض على الكراهية”. ا

كما ذكرت بالقوانين التي تنص على حرية ممارسة الشعائر الدينية، مرجعة حالات غلق أماكن العبادة لكون “الدولة تسهر على حماية أماكن العبادة من التأثير السياسي والإيديولوجي”. وهو تبرير غير مقنع لأن السلطة تستخدم أماكن العبادة لتبرير سياستها، حيث امرت الأئمة بإلقاء خطب تحرم المظاهرات وأمرتهم بإلقاء خطب توجب المشاركة في الانتخابات… ا

من جهة أخرى، بررت سجن مواطنين بسبب معتقداتهم الدينية، قائلة “وقد حوكم بعض المواطنين لخرقهم القانون وليس بسبب معتقداتهم الدينية بما في ذلك تشكيل جمعية غير مسجلة والانتماء إليها وتنظيم عمليات جمع تبرعات غير مصرح بها”. وهنا أيضا رد السلطة يتناقض مع الانجازات الدستورية التي تحدثت عنها في بداية التقرير والمتعلقة بإرساء نظام التصريح لإنشاء الأحزاب والجمعيات ووسائل الاعلام. وقد أقدمت غلق فرع العمل الخيري للكنيسة الكاتوليكية “كاريتاس”، دون معرفة الجهة التي أمرت بذلك، رغم إعتماد هذه الأخيرة منذ الاستقلال