فتح الحراك الشعبي نقاشا جديدا وصفه مراقبون بـ « الإيجابي »، بعد بروز شعار الجديد « مخابرات إرهابية تسقط المافيا العسكرية »، ذلك مع عودة المسيرات يوم الإثنين والجمعة الماضيين.
بين من رفض الشعار وحذّر منه ومن اعتبره نتيجة لممارسات من طرف جهاز المخابرات أغضبت جزائريين، تباينت آراء ومواقف الحراكيين الذين تفاعلوا مع الشعار بعد نهاية مسيرة الجمعة السادسة بعد المئة للحراك، خاصة وأنّ تقرير التلفزيون الحكومي ربط بعض الشعارات بشعارات قال إنّها رُفعت إبّان « العشرية السوداء التي راح ضحيتها 200 ألف جزائري وجزائرية ».
وظهر الشعار قبل استئناف مسيرات الحراك الشعبي على بعض صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، ثمّ انتقل إلى الشارع في الذكرى الثانية للحراك، وعاد بقوة يوم الجمعة السادسة بعد المئة.
ويرى مراقبون أنّ أقوى شعارات الحراك التي ردّدها جزائريون وجزائريات منذ ميلاد الثورة السلمية قد اختفت مع استئناف المسيرات، خاصة منها ما تعلّق بالمطالب السياسية كـ استقلالية القضاء، حرية الصحافة والإعلام، العودة إلى الإرادة الشعبية وغيرها من الشعارات التي أبدع فيها الحراك.
بوشاشي: علينا تجنّب العنف اللفظي والجسدي للحفاظ على نقاء الثورة
اعتبر الحقوقي مصطفى بوشاشي أنّ « الجزائريين من خلال شعاراتهم يرفضون النظام القائم ويطالبون بالتغيير الجذري، في نفس الوقت هناك بعض الشعارات الغير مناسبة »، مُشيرا: » هدفنا في هذه الثورة السلمية الانتقال الى الديمقراطية بالضغط على النظام والاستجابة لمطالب الشعب ».
ودعا بوشاشي في تصريح إعلامي إلى اجتناب « العنف اللفظي أو الجسدي في الشعارات للحفاظ على نقاء الثورة، فداخل المؤسسات المدنية والعسكرية والاقتصادية رجال ونساء يعملون على كيفية تسيير الشأن العام لهذا النظام الاستبدادي ».
كما أكّد الحقوقي على ضرورة أن تكون شعارات الحراك مدروسة، مُستدلا بالشهيد عبان رمضان الذي كان يقول « سأسعى ولن أترك أي شخص لفرنسا ».
في السياق قال المحامي إنّه « يجب الحذر في هذه الثورة السلمية، حيث أنّ بداخل المؤسسات المختلفة، أشخاص وجدوا أنفسهم في ظل نظام استبدادي، ولو نجحت الثورة نحتاجهم لاستمرار وبناء الدولة ».
وشدّد مصطفى بوشاشي على ضرورة الاستمرار في المطالبة بمدنية الدولة ورفع شعار « دولة مدنية ليست عسكرية »، الذي يترجم تجسيد إرادة الشعب لا أن تسود القوة العسكرية في البلاد ».
وختم بالقول: « على خطابنا أن يكون سلميا، لنربح جميع الجزائريين داخل المؤسسات ».
رضا دغبار: « النخب مطالبة بأن تتخذ موقفا واضحا صريحا من هذه المسألة »
في فيديو على صفحته الرسمية بـ الفايسبوك، تساءل الخبير الدستوري رضا دغبار، عن كيفية انطلاق الحراك الشعبي وكيف أصبح اليوم، مُشيرا إلى أنّ « انطلاقة الحراك كانت بمطالب سياسية محضة، رفع فيه الجزائريون شعار المادة 7 و8 من الدستور، وشعارات تطالب بدولة المؤسسات واستقلالية القضاء والعدالة ».
واعتبر دغبار أنّ المسيرات يوم الإثنين والثلاثاء، انتقلت من تغيير النظام إلى اسقاط النظام، ومن تطبيق المادة 7 و8 ودولة المؤسسات إلى وصف جهاز المخابرات بأنه منظمة إرهابية، ومن المطالبة بإقامة دولة العدل والقانون إلى القول بأن عناصر الأمن مجرد قوى استعمارية.
قال الخبير الدستوري إنّ « هذه الشعارات ظهرت في الفترة التي توقف فيها الحراك، على مواقع التواصل الإجتماعي، ومعلوم من يديرها »، مشدّدا: « هذه الأطراف لا تريد أن تقول لنا بأنّ السلمية لا تؤدي إلى التغيير، بل بدؤوا بالقول يجب التشابك مع الشرطة بطريقة سلمية ».
في السياق أوضح رضا دغبار أنّ « من يحاول أن يدخل في أذهان الجزائريين بأن المخابرات منظمة إرهابية والشرطة استعمار، هو بذلك يشرعن لمقاومة النظام بطريقة مسلّحة، إذ لا يمكن مقاومة الإستعمار بالسلمية ».
وعاد البروفيسور إلى قضية وليد نقيش التي برّر بها بعض الحراكيين رفع شعار « مخابرات إرهابية » وأبرز: « يجب المطالبة بمعاقبة من قام بهذا الفعل وتطهير الجهاز من هذه الممارسات ».
وفي قراءته للوضع الراهن، يرى رضا دغبار أنّ « النظام في الفترة الأخيرة يريد أن يسوق إلى فكرة مفادها أن الحراك ينحصر في هذا التوجه الذي يعتبره منظمة إرهابية، فالنظام من جهته يضع كل التوابل وهؤلاء يعينون النظام فيضعون من جهتهم كل التوابل، وبذلك سيبرّرون للنظام استخدام العنف بطريقة واسعة ومنظمة ».
وأعاب نفس المتحدّث صمت نخبة الحراك من الشعار وأكّد أنّه « من الجبن أن يخاف شخص من شخص بأن يخونه، لذلك يريد أن يُسمعه ومن يتبعونه ما يحبون أن يسمعوا »، مُشيرا: « من يخاف، عليه أن يعتزل النضال وأن يتجه إلى الغناء، لأن المطرب وحده من يُسمِع من يستمعون له ما يحبون ».
وشدّد بالقول: « النخبة الحقيقية هي من تقول الحق، لأن الخيانة الحقيقية هي أن تقول الحق في مثل هذه الظروف، وأن تسمح بأن يتم إجهاض هذا الحراك من الداخل من خلال هذه الشعارات، النخب مطالبة بأن تتخذ موقفا واضحا صريحا من هذه المسألة ».
الفايسبوك يتفاعل..
أكّد الناشط في الحراك والباحث في علم الإجتماع ناصر جابي أنّ » قفزة نوعية مطلوبة من الحراك، في مستوى تنظيمه، شعاراته واستراتجياته »، مُشدّدا « مصلحة الجزائر تقتضي ذلك ».
وكتب المحامي باكوري عميروش: » « مخابرات ارهابية »، هذا الشعار ظهر بعد سنتين من بداية الحراك، هذا الشعار يخدم جهة وفكر معين، تريد الذهاب نحو العنف ».
الإعلامي محمد ايوانوغن، قال من جهته إنّ » شعار « مخابرات إرهابية » هو شعار قديم يردده الكثير من الجزائريين في الخفاء، وكان يعبر عنه سياسيا بـ من يقتل من »، مُشيرا: « السلطة مررت استفتاء المصالحة الوطنية وأدرجت فيه مادة تمنع فتح جراح عشرية الدم في النقاش العام، حان الوقت لفتح هذا النقاش ليتصالح المجتمع مصالحة حقيقية لا مصالحة مادية كالتي عقدتها السلطة مع مدني مزراق »
واعتبر المعارض السياسي عبد الكريم زغيليش أنّ « الحراك لم يستطع حتى أن يتفق على شعاراته، التي أصبحت سببا للجدل والاختلاف »، مؤكّدا: « إن لم يتنظّم الحراك سوف يختفي ».
من جهته قال المحامي سعد اسماعيل، إنّ « شعار مخابرات إرهابية تسقط الدولة العسكرية، هو شعار لا يمثل ثورتنا السلمية، فلنتذكر جميعا أن كل أشكال التخوين هي من أساليب النظام و الثورة المضادة و الدخلاء ».
وعلى صفحة فايسبوكية نشطة في الحراك، قال طالب جامعي : « على شباب الحراك المبدعين التفكير في شعارات جديدة هادفة تبعث روحاً إضافية في الحراك، لاحظنا في مسيرة خراطة أن الشعارات القديمة بدأت تموت ».
وكتب الناشط عبد الرزاق بن جودي، « مخابرات أم شرطة سياسية؟، هناك فرق شاسع بين المخابرات كجهاز أمني سيادي موجود في كل دول العالم من جهة، والشرطة السياسة كآفة تميز الدول التسلطية من جهة أخرى، بل هو مفهوم سياسي يطلق على جهاز يستعمل أجهزة ومؤسسات الدولة للتلاعب بالقضايا السياسية وتسييرها، أما الأولى (المخابرات) فتقوم بعملها المهني ككل بلدان العالم، التفريق بينهما وعدم وضع جميع أجهزة الدولة في سلة واحدة شيء مهم جدا ولا يجب التفريط فيه ».
تغريدات على تويتر تفتح النقاش ..
عرف موقع التواصل الإجتماعي « تويتر » أيضا تغريدات حول الشعار، دائما بين من يرفضه ومن يعتبره نتيجة للمارسات النظام.