الكذب صناعة جزائرية خالصة ولذلك أحاول أن أجد أين أصنف اليوم الوطني للصحافة الذي تنفرد به الجزائر وتنفرد في نفس الوقت بمحاربة مهنة الصحافة
لم أجد أين أصنف هذا اليوم، والجزائر أعدت مشاريع قوانين للإعلام تحكم على الصحفي الجزائري بالحياة السوداء، الميزيرية الكحلة. عدد كبير من الصحفيين اليوم لا يتقاضون رواتبهم والذين يتقاضون راتبا غير منتظم، تذهب تلك الرواتب في تسديد الديون المتراكمة عن أيام تأخر الراتب. والذين يتقاضون راتبا منتظما، فهو راتب لا يكفي لضمان كرامة الصحفي أمام أبنائه أولا، فلا داعي للحديث عن كرامته اثناء أداء عمله.
فلا يوجد في الجزائر صحفي يستطيع تحمل تكاليف أكل و شرب ونقل… مصادر معلوماته، مثلما يجري في كل دول العالم، أعتقد. ولا داعي لشرح الفرق بين أن يتناول صحفي قهوة أو بيرة أو غذاء مع مصدر معلومات ويدفع هو التكاليف أو يدفعها مصدر المعلومات
المؤسسات الإعلامية الجزائرية هي الافقر في العالم على الإطلاق. وحتى تلك المؤسسات التي تحتكر الإشهار العمومي، فهي تتوفر على ما يكفي من المال لجعل ملاكها يشترون فلات وسيارات فخمة، لكن تلك الموارد الاشهارية بعيدة كل البعد على ضمان الامكانات اللازمة للبحث عن المعلومة ولو كوكب المريخ كما تفعل الجزيرة مثلا
وحتى نغطي على كل هذه الحقائق ونكذب على أنفسنا اخترعنا يوما وطنيا للصحافة، في بلد بلا صحافة. وكان هذا في عهد بوتفليقة، بينما زميلنا أحمد تامالت كان يموت ببطئ في سجن القليعة
ويعود هذا التاريخ اليوم وزميلانا إحسان القاضي ومصطفى بن جامع في السجن يواجهان، عقوبة سبع سنوات، منعا خمسة نافذة للأول، وعامين للثاني، ولا نقوى حتى على نشر صورهما لتذكير جلتديهما انهما صحفيان والدستور يحميهما من العقوبة السالبة للحرية
عفوا، لا يحق أن أستعمل ضمير المتكلم. فأنا لم أعد صحفيا منذ فترة وأنا فخور بعدم الانتماء لهذه المهنة من الآن فصاعدا… أو إلى إشعار آخر. فلا شيئ يدوم في بلد فقد مصداقيته على كل الأصعدة
محمد إيوانوغن