في مثل هذا اليوم المصادف لـ 14 يناير 2011، صرخ شاب بأعلى صوته في شارع بورقيبة وسط العاصمة تونس « بن علي هرب »، فوصل صدى تلك الصرخات إلى كل الشعوب العربية المُتعطشة للحرية والناقمة على أنظمة الحكم المستبدة التي تشبثت بالكراسي من دون احترام الإرادة الشعبية في اختيار حكامها.
« ثورة الياسمين » كما يسميها التونسيون، لم تنطفئ بعد ولا تزال تمثل حدثا تاريخيا بارزا عايشوه في العشرية الأخيرة، وهم الذين خرجوا إلى الساحات بشعار بارز « خبر وماء وبن علي لا » فكان أن رد الأخير عليهم بالقول « راني فهمتكم ».
لكن بعد مرور 10 سنوات من إضرام محمد البوعزيزي النار في جسده انتصارا لكرامته المهدورة، ورحيل الرئيس المخلوع الراحل زين العابدين بن علي، هل تحققت كل أهداف الثورة التي رفعها التوانسة أم أن وردة الياسمين لم تفتح بعد؟
يبدو هذا السؤال الأبرز الذي تطرحه وسائل الإعلام العالمية، التي لا تزال ترقب التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد المغاربي الذي يمول خزينته العمومية بأموال السياحة التي تراجعت كثيرا في الأعوام الأخيرة. فهذا البلد الجميل تونس، لا يزال يكابد للخروج إلى بر الأمان بعد اجتيازه مرحلة انتقالية وقدرته على تنظيم انتخابات رئاسية عام 2019 أفرزت الرئيس قيس سعيد الذي ورث قنابل موقوتة من نظام الحكم السابق وهو ما يجعله في كل مرة أمام مطالب شعبية بتحسين الأوضاع المعيشية، وفي مواجهة طبقة سياسية، يقول الشارع إنها لم تبلغ بعد مرحلة من النضج من أجل الاستجابة لتحديات المرحلة والتجاوب مع صعوبات ديناميكية التحول والتغيير.
وإن كان مراقبون يجزمون أن ما تمر به تونس عادي جدا ومسار طبيعي لأي ثورة لا تزال تتحسس طريقها نحو الاستقرار مع بروز نقاش أو كما يسميه البعض بصراع الوجود والتنافي.
ما يعني الخلافات بين السياسيين، وفق منظور أيديولوجي. ولعل أهم التحديات التي تواجه تونس ما بعد الثورة هي الدعوات المتكررة لحل البرلمان، وعدم استقرار الحكومة التي تصطدم في كل مرة بحملات انتقاد تُطاردها في ظل الضائقة المالية التي يعيشها البلد الذي لا يهتم سكانه إلى بمن يحمي قدرتهم الشرائية كما يقولون « من يعبي القفة » أي من يملأها.
وإن كان الاعلام التونسي يبدو غير راض بما تعيشه البلاد حالياً، إلا أنّ البعض الآخر يرى أنّ هُناك فعلياً ما يستحق الاحتفال بمناسبة مرور 10 سنوات على الثورة، وأقل شيء هو أن تونس نجحت في معالجة معضلة الحكم الواحد والاستفراد بالسلطة، بالرغم من محاولات التدخل الخارجية لإفشال التجربة التونسية التي انتقلت عدواها إلى عدة بلدان عربية لم تكن سلمية في مجملها.
يشار إلى أن غياب رئيس الجمهورية قيس سعيد عن احتفالات مهد الثورة سيدي بوزيد في ذكراها العاشرة، يوم 17 ديسمبر الماضي، خلّف حالة غضب واستياء واسع لدى رواد شبكات التواصل الاجتماعي.
ويقول الرئيس التونسي قيس سعيد إن مطالب الثورة ستتحقق في ظل الدستور والشرعية الدستورية، إلى أن الشارع يبدو ناقما عن الوضع الداخلي، بدليل أن سنة 2020 شهدت عودة قوية للاحتجاجات الكبرى، اذ ضاعف الأزمة الصحية العالمية كورونا (كوفيد 19) من تأزم الوضع المالي لتونس.